فصل: أسنان الخيل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أدب الكتاب ***


اللغة في أسنان الإبل وتعريفها

يقال لولد الناقة، ساعة تضعه أمه‏:‏ ‏"‏سليل‏"‏ و ‏"‏حوار‏"‏ قبل أن يعلم أهو ذكر أو أنثى‏.‏ فإن كان ذكراً فهو ‏"‏سقب‏"‏ وإن كان أنثى فهو ‏"‏حابل‏"‏‏.‏ فلا يزال حواراً حتى يفصل عن أمه، فيقال له‏:‏ ‏"‏فصيل‏"‏‏.‏

فإذا كان في الوقت الذي يحمل عليه فيه، وهو عند تمام سنة ودخول الثانية، فهو ‏"‏ابن مخاض‏"‏، يجوز في الصدقة لأن أمه قد تمخضت بحمل بعده، فلا يزال ابن مخاض حتى تدخل السنة الثالثة، فيصير ‏"‏ابن لبون‏"‏ لأن أمه قد صار لها لبن من غيره، فلا يزال ابن لبون، والأنثى ابنة لبون حتى تدخل السنة الرابعة فهو حينئذ ‏"‏حق‏"‏ والأنثى حقة‏.‏

فإذا كان في السنة الخامسة فهو ‏"‏جذع‏"‏ والأنثى ‏"‏جذعة‏"‏ والجذوعة وقت من الزمن ليست بسن‏.‏ فإذا تمت ودخلت السنة السادسة فهو ‏"‏ثني‏"‏ والأنثى ‏"‏ثنية‏"‏‏.‏ فإذا ألقى رباعيته في السنة السابعة فهو ‏"‏رباع‏"‏ والأنثى ‏"‏رباعية‏"‏‏.‏ فإذا ألقى السن الذي بعد الرباعية وذلك في السنة الثامنة فهو ‏"‏سديس‏"‏ و ‏"‏سدس‏"‏، الذكر والأنثى سواء‏.‏ وهو في كل هذا ‏"‏بكر‏"‏ والأنثى ‏"‏قلوص‏"‏‏.‏

فإذا فطر نابه، أي انشق للخروج وذلك في السنة التاسعة، فهو ‏"‏بازل‏"‏، والأنثى بازل و ‏"‏بازلة‏"‏ يقالان جميعاً، وهو عند ذلك ‏"‏جمل‏"‏ و ‏"‏ناقة‏"‏ للأنثى‏.‏ وليس بعد ذلك سن إنما يقال‏:‏ ‏"‏مخلف عام‏"‏ و ‏"‏مخلف عامين‏"‏ وما زاد‏.‏ فإذا كبر وعظم نابه فهو ‏"‏عود‏"‏ والأنثى ‏"‏عودة‏"‏ ويسميان بأسماء كثيرة في الكبر‏.‏

أسنان الغنم

يقال لولد الشاة، حين تضعه أمه، من الضأن كان أو من المعز، ذكراً كان أو أنثى‏:‏ ‏"‏سخلة‏"‏ و ‏"‏بهمة‏"‏‏.‏ فإذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها، فما كان من أولاد المعز فهو ‏"‏جفر‏"‏ والأنثى ‏"‏جفرة‏"‏‏.‏ فإذا قوي فهو ‏"‏عريض‏"‏ ثم ‏"‏عتود‏"‏ والذكر في هذا كله ‏"‏جدي‏"‏ والأنثى ‏"‏عناق‏"‏ وإن كان من أولاد الضأن فالذكر ‏"‏حمل‏"‏ و ‏"‏خروف‏"‏، والأنثى ‏"‏رخل‏"‏ و ‏"‏خروفة‏"‏، وتكون في السنة الثانية ‏"‏جذعا‏"‏ والأنثى ‏"‏جذعة‏"‏‏.‏ قال الأصمعي‏:‏ يكون جذعاً من يأتي عليه ثمانية أشهر وتسعة ونحو ذلك‏.‏ وفي السنة الثالثة ‏"‏ثني‏"‏ والأنثى ‏"‏ثنية‏"‏، وفي السنة الرابعة ‏"‏رباع‏"‏ والأنثى ‏"‏رباعية‏"‏، وفي الخامسة هو ‏"‏سدس‏"‏ و ‏"‏سديس‏"‏، وفي السنة السادسة هو ‏"‏صالغ‏"‏ و ‏"‏سالغ‏"‏ و ‏"‏صالغة‏"‏ بالسين والصاد، ويقال لما كان ذكراً من المعز عند الإجذاع ‏"‏تيس‏"‏ والأنثى ‏"‏عنز‏"‏‏.‏

أسنان البقر

يالق لولد اليقرة حين تضعه أمه ‏"‏عجل‏"‏ ثم ‏"‏تبيع‏"‏ وهو الجذع، وبعضهم يقول‏:‏ هو تبيع إلى ثمانية أشهر وتسعة، ثم ‏"‏جذع‏"‏ إذا تمت له سنة، ثم في الثانية هو ‏"‏ثني‏"‏ والأنثى ‏"‏ثنية‏"‏، وفي السنة الثالثة ‏"‏رباع‏"‏ والأنثى ‏"‏رباعية‏"‏، وفي الرابعة ‏"‏سدس‏"‏ و ‏"‏سديس‏"‏، الذكر والأنثى فيه سواء، وفي السنة الخامسة ‏"‏ضالع‏"‏ والأنثى ‏"‏ضالعة‏"‏‏.‏ ومنهم من يجعله في السنة الثانية جذعاً، وفي الثالثة ثنياً، وفي الربعة رباعياً، وفي الخامسة سديساً وسدساً، وفي السادسة ضالعاً مثل الغنم‏.‏

أسنان الخيل

وإنما ذكرتها ها هنا لأن الكاتب لا يستغني عن علمائها، يقال لولد الفرس، حين تضعه أمه ‏"‏مهر‏"‏ والأنثى ‏"‏مهرة‏"‏، ويقال له‏:‏ ‏"‏خروف‏"‏ فإذا فصل عن أمه فهو ‏"‏فصيل‏"‏‏.‏ فإذا استتم نبات رواضعه فهو ‏"‏فلو‏"‏ يقال‏:‏ فليت وأفليت، فإذا أتى عليه حول فهو ‏"‏حولى‏"‏، فإذا استتم حولين فهو ‏"‏جذع‏"‏، فإذا أسقطت ثنيتاه وخرج مكانهما، وذلك في العام الثالث فهو ‏"‏ثني‏"‏، وفي الرابع هو ‏"‏رباع‏"‏ وذلك إذا سقطت رباعيتاه، وخرج مكانهما، فإذا سقط قارحاه وخرج مكانهما فهو ‏"‏قارح‏"‏، وليس بعد القارح سن، ولكن يقال‏:‏ ‏"‏قارح عام‏"‏ و ‏"‏قارح عامين‏"‏ إلى ثمانية أعوام، ثميقال له‏:‏ ‏"‏مذل‏"‏ والجميع ‏"‏مذال‏"‏‏.‏

ومن ألوان الخيل‏:‏ أدهم وأخضر وأحوى وكميت وأشقر‏.‏ والفرق بين الكميت والأشقر أن يسود عرفه وذنبه فيكون كميتاً وإلا فهو أشقر‏.‏ وأصفر وأشهب وأبلق وأبرش وملمع وهو أيضاً بلقة‏.‏ وكذلك المدنر والأشيم والمولع، كل هذه شيات اللون يخالف لون الفرس يتشكل فيه، فيسمى مدنراً إذا كان فيه دارات؛ وإذا كان فيه لونان متساويان فهو أبلق، وقس على هذا‏.‏ وفرس لطيم، إذا أصابت غرته عينيه أو أحدهما أو خديه أو أحدهما، فإذا ابيضت أشفاره فهو مغرب فإذا لم تصب العينين والخدين واتسعت في جبهته فهي شادخة، وإذا دنت في جبهته وقصبة أنفه فهي شمراخ، فإذا عرضت في الجبهة فهي سائلة‏.‏

والقرحة كل بياض كان في جبهته ثم انقطع قبل الأنف؛ والرثم كل بياض أصاب الجحفلة العليا قل أو كثر فهي رثمة‏.‏

واللمظة كل بياض في الجحفلة السفلى‏.‏ والفرس المظ وأرثم‏.‏ فإذا شاب الناصية بياض فهو أسعف، فإذا خلصت بياضاً فهو أصبغ، فإذا انحدر البياض إلى منبت الناصية فهو المعمم‏.‏

والتحجيل بياض يكون في قوائمه، أو في ثلاث أو اثنتين قل أو كثر‏.‏ يقال‏:‏ محجل أربع، فإذا كان البياض في ثلاث، قيل‏:‏ هو محجل ثلاث مطلق يد أو رجل، والتحجيل مأخوذ من الحجل وهو الخلخال كأنه صار البياض موضعه، فإذا كان البياض برجليه قيل‏:‏ محجل الرجلين، فإذا كان برجل واحدة قيل‏:‏ أرجل، ويتشاءم به، لأن الحسين صلوات الله عليه قتل وهو على فرس أرجل‏.‏ فإذا كان البياض في اليد اليمنى والرجل اليسرى مخالفاً فهو مكسور، وإذا كان في اليد اليمنى والرجل اليمنى فهو مطلق الأيامن ممسك الأياسر، وإذا كان بوجهه وضح وبإحدى يديه فهو اعصم، فإذا كان أبيض البطن، ولم يتصل ببياض التحجيل فهو أصبغ، وإذا صار في عرض الذنب بياض فهو أشعل، فإذا كان في أصل ذنبه فهو أصبغ، وإذا صار في عرض الذنب بياض فهو أشعل، فإذا كان في أصل ذنبه فهو أصبغ، فإذا بلغ البطن فهو أنبط فإذا ظهر من البطن فهو أبلق‏.‏

أحكام الأرضين

قال الصولي في الأرض ثلاثة أحكام‏:‏ فأرض عشر غنمها المسلمون، فخمسها للإمام وتجعل أربعة أخماسها بين الذين افتتحوها ويبقى خمسها لمن سمى الله، فهي أرض عشر‏.‏ وكل أرض استحياها إنسان، وقد كانت مواتاً قبل ذلك، فاستنبط لها ماء أو استخرج عيوناً فهي أرض عشر، إلا أن يكون الماء الذي أجراه إليها من ماء الخراج فتكون أرض خراج‏.‏ فهذه الأرضون كلها لأهلها ملك إيمانهم لا شيء عليهم فيها غير العشر إن كانت تشرب سيحاً أو من ماء السماء، وإن كانت تشرب بالدالية وأشباه ذلك مما يعتمل فيه، ففيها نصف العشر‏.‏

وأرض افتتحت صلحاً على خراج معلوم، فأهلها على ما صولحوا عليه إلا أن يلزمهم غيره، والأرض ملك لهم‏.‏

وأرض افتتحت عنوة، ففيها اختلاف؛ زعم بعضهم أن سبيلها سبيل الغنيمة تخمس وتقسم، فيكون أربعة أخماسها خططاً بين الذين افتتحوها خاصة، والخمس الباقي لمن سمى الله تعالى، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبير‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ حكمها والنظر فيها إلى الإمام، فإن رأى أن يجعلها فيئاً، فلا يخمسها ولا يقسمها، ولكن تكون موقوفة على المسلمين عامة ما بقوا كما فعل عمر بالسواد؛ فإنه لما افتتح المسلمون السواد قالوا‏:‏ أقسمه بيننا، فقال‏:‏ فما لمن جاء بعدكم من المسلمين‏؟‏ وأخاف أن تفاسدوا بينكم في المياه، فأقر أهل السواد في أرضهم وضرب على رؤوسهم الجزية، وعلى أرضهم الطبق، وهو الخراج، ومعنى الطبق والخراج واحد‏.‏

القطائع

قال أبو بكر‏:‏ يروى عن طاوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم‏"‏ يعني أنها تقطع للناس‏.‏

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أقطع جماعة من المهاجرين والأنصار من أموال بني النضير وكانت صفياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة‏.‏ فكان فيمن سمي ممن أعطى أبو بكر رضي الله عنه أعطاه بئر حجر؛ وعمر رضي الله عنه أعطاه بئر جرم، وعبد الرحمن بن عوف سؤالة، وأقطع صهيباً الصراطة، وأقطع الزبير وأبا سلمة بن عبد الأسد البريلة، وأقطع أبا دجانة وسهل بن حنيف مالاً يقال له حرسة، وأقطع رجلاً من الأنصار أرضاً، فكان يخرج إليها فيرجع فيقال‏:‏ نزل بعدك من القرآن كذا أو قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله إن هذه أرض تشغلني، فاقبلها مني فلا حاجة لي فيها فقبلها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ أقطعينها فأقطعه إياها، وأقطع الزبير أيضاً بخيبر أرضاً فيها شجر ونخل، وقصرها، وكتب له بذلك كتاباً، وأقطع عتبة بن فرقد موضع داره بمكة مما يلي المروة‏.‏

ولما أسلم تميم الداري قال‏:‏ يا رسول الله إن الله يظهرك على الأرض كلها فهب لي قريتين من بيت لحم، قال‏:‏ ‏"‏هي لك‏"‏، وكتب له بها كتاباً فلما ظهر عمر رضي الله عنه على الشام جاءه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر‏:‏ ‏"‏أنا شاهد ذلك فإعطاه إياها‏"‏‏.‏ وبيت لحم هذه من القرية التي ولد فيها عيسى عليه السلام‏.‏

واستقطعه أبيض بن جمال المازني الملح الذي بمأرب، فأقطعه إياه، فلما ولى قال رجل‏:‏ إنما أقطعته الماء العد، فرده ولم يمضه له كأنه عليه الصلاة والسلام، لما قال له‏:‏ الماء العد، رأى أنه شيء بين الناس جميعاً‏.‏ ولم يكن صلى الله عليه وسلم يقطع حق مؤمن ولا معاهد‏.‏ فبهذا جرت السنة في الإقطاعات‏.‏

وأقطع أبو بكر الزبير الجرف أيضاً مواتاً، وأقطع طلحة أرضاً، وكتب له كتاباً وأشهد له ناساً فيهم عمر، فأتى طلحة عمر بالكتاب ليختمه فقال‏:‏ هذا كله لك دون الناس‏!‏ لا أختم هذا‏.‏ فرجع طلحة مغضباً إلى أبي بكر، فقال‏:‏ أنت الخليفة أم عمر‏؟‏ فقال عمر ولكنه أبى وأبطل الإقطاع‏.‏

وأقطع أبو بكر لعيينة بن حصن الفزاري قطيعة، وكتب له بها كتاباً، فأتى عيينة عمر فأعطاه الكتاب، فبصق فيه ومحاه وسأل عيينة أبا بكر أن يجدد له الكتاب فقال‏:‏ لا أجد شيئاً رده عمر‏.‏

وأقطع عمر بن الخطاب الزبير العقيق أجمع‏.‏

وخرج رجل من أعل البصرة، يقال له نافع إلى عمر فقال‏:‏ إن قبلنا أرضاً بالبصرة وليست من أرض الخراج ولا بأحد من المسلمين، فإن رأيت أن تقطعينها أتخذ فيها قضاء لخيلي، فكتب له أبي موسى‏:‏ إن نافعاً سألني أرضاً على شاطئ دجلة، فإن لم تكن أرض جزية ولا خراج ولا أرضاً يجري إليها ماء جزية فأعطه إياها‏.‏

وأقطع عثمان خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ الزبير، وسعداً، وابن مسعود، وأسامة بن زيد، وخباباً، من صوافي كسرى ومما جلا عنه أهله‏.‏ ثم أقطع الخلفاء بعد ذلك‏.‏

حدثنا فهد بن إبراهيم الساجي، قال‏:‏ حدثنا محمد بن إبراهيم بن نافع قال‏:‏ قدم المهدي البصرة، وقاضيه عليها عبيد الله بن الحسن العنبري، فقال له‏:‏ انظر بيني وبين أهل المرعات نهر من أنهار البصرة، فجلس لهم وحضر المهدي وحضر من يناظره، فقال عبيد الله‏:‏ ما تقول يا أمير المؤمنين‏؟‏ فقال‏:‏ المسلمين كافة وفي مصالحهم إذا إقطاع من إمام فلا سبيل لأحد عليه‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه قال‏:‏ ‏"‏من أحيا أرضاً مواتاً فهي له‏"‏ وهذه موات‏.‏ فقال‏:‏ فوثب المهدي ووثب الناس حتى ألصق خده بالتراب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال‏:‏ قد سمعت وأطعت‏.‏ ثم عاد فقال‏:‏ نفي أن يكون مواتاً والماء محيط بها من جوانبها، فإن أقاموا البينة على هذا سلمت لهم‏.‏ فلم يأتوا ببينة‏.‏ وأحب عبيد الله أن يتحدث الناس بأنه حكم على المهدي بحكم، فخلط حكماً بسؤال فضج المهدي ووثب، وتفرقوا‏.‏ فعزله المهدي وقال‏:‏ والله ما أردت إلا أن يقول الناس حكم على المهدي وإلا علمت أن الحق معي‏!‏‏.‏

وبلاد المسلمين عامر وموات، فالعامر لأهله والموات شيئان‏:‏ شيء ملكه الناس فأحيوه ثم خرب ومات، فهذا الموات لأهله لا يملكه عليهم أحد، إلا بإذنهم وهو كالعامر‏.‏ والموات الثاني ما لم يملكه أحد قط، فهذا الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أحيا أرضاً مواتاً فهي له‏"‏، والإحياء أن يأتي إلى موضع لا ينازعه فيه أحد ولا لأحد فيه أثر فيحوزه ويسوق إليه بكلفة ومشقة أو يبني فيه بناء‏.‏

والعروق أربعة‏:‏ عرقان ظاهران وهما البناء والغرس، وعرقان باطنان كالبئر والنهر‏.‏

وقيل‏:‏ من أقطع معدناً ملكه ملك الأرض وقيل‏:‏ لا يملكه ملك الأرض إلا إن عمل فيه وإلا دفع إلى من يعمل فيه‏.‏

جزية رؤوس أهل الذمة

قال أبو بكر بن يحيى الصولي‏:‏ قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرة من مكة، والناس أخلاط مسلمون ويهود ومشركون ومنافقون‏.‏ فوادع يهود المدينة كلهم، على أن يكفوا عنه ويكف عنهم‏.‏ فلما غزا تبوك، أمره الله بوضع الجزية، فصالح أهل أيلة، وأدرح، ووادي القرى، وتيماء، ووضع عليهم الجزية، وقدم المدينة فوضع الجزية على من بالمدينة ومكة وخبير واليمن ونجران، من أهل الذمة، ووضع الجزية على رقابهم‏:‏ على الرجل ديناراً ونحوه، وليس في ذلك النساء ولا الصبيان، وفي تجاراتهم نصف العشر، فلما فعل ذلك بهم صارت لهم ذمة وعهد وجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يمنعهم ممن ظلمهم، ويقاتل عنهم،ولم يكن لهم، وهم موادعون، أن يمنعهم ويقاتل عنهم وإن ظهر عليهم عدوهم‏.‏

وقال قوم‏:‏ أول من أدى الجزية أهل نجران‏.‏ وقبل صلى الله عليه وسلم من المجوس الجزية‏.‏

حدثنا محمد بن يونس الكديمي وإبراهيم بن عبد الله اللجي، واللفظ للكديمي، قلا‏:‏ حدثنا أبو عاصم قال‏:‏ رأيت جعفر بن محمد رضي الله عنه بمكة، فقلت‏:‏ يا ابن رسول الله حدثني قال‏:‏ أفي هذا الموضع‏؟‏ فقلت‏:‏ إن رأيت ولو حديثاً، فقال‏:‏ سمعت أبي يقول‏:‏ قال عمر بن الخطاب‏:‏ لست أدري ما أصنع بالمجوس‏!‏ فقام إليه عبد الرحمن بن عوف، فقال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسئل عنهم فقال‏:‏ ‏"‏استنوا بهم سنة أهل الكتاب‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ يا ابن رسول الله زدني فضرب بغلته وسار‏.‏

وكانت الجزية أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، على كل حالم ديناراً، وليس على النساء ولا الصبيان شيء‏.‏ ثم ضرب عمر على أهل الشام - وبعضهم يقول على أهل الذهب - على الرجل أربعة دنانير وحنطة وزبيباً‏.‏ ثم زالت الحنطة والزبيب‏.‏ وضرب على أهل السواد ديناراً، والصرف اثني عشر درهماً بدينار على الطبقة السفلى، وعلى الوسطى دينارين أربعة وعشرين درهماً، وعلى العليا أربعة دنانير بثمانية وأربعين درهماً، وأسقط ذلك عن النساء والصبيان‏.‏ وإنما فعل عمر ذلك على قدر اليسار والطاقة‏.‏

فالذين يؤخذ منهم الجزية اليهود والنصارى والمجوس والصابئون وقد أخذ عثمان رضي الله عنه من البربر‏.‏

واستيداء الجزية بغير ضرب ولا عنف‏.‏ ويقبل منهم مكان الدنانير والدراهم الثياب وما أشبهها‏.‏ وروي عن علي عليه السلام أنه كان يأخذ في الجزية من صاحب المال مالاً، ومن صاحب الحبال حبالاً‏.‏ ولا يأخذ فيها خمراً ولا خنازير‏.‏

ولا يباع في الجزية بقرهم ولا حميرهم ولا مواشيهم‏.‏ واختلف الناس في قوله عز وجل‏:‏ ‏"‏عن يد وهم صاغرون‏"‏، فقال سعيد بن المسيب‏:‏ يتعبون عند أخذها‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ لم يرد تكليفهم فوق طاقتهم، إنما أراد أن لا يعاملوا عند طلبها بالإكرام لكن بالإستخفاف‏.‏ وكتب عمر إلى أمراء الأجناد أن يختموا رقاب أهل الذمة، وأن تجز نواصيهم، وأن يركبوا الأكف عرضاً ولا يركبوا كما يركب المسلمون، وأن يربطوا الكستجات في أوساطهم ليعرف زيهم من زي المسلمين‏.‏

وقيل‏:‏ وهم صاغرون يعطيها قائماً والذي يأخذها قاعد‏.‏ وليس على عبد جزية‏.‏ وإذا أخذت الجزية منهم لم يكن لهم أن يظهروا شركهم حتى يسمعوا المسلمين، ولم يكن للمسلمين أن يتتبعوهم فيما أخفوه عنهم‏.‏ وعلى المسلمين أن يجروا عليهم أحكام المسلمين، قال‏:‏ فهذا معنى وهم صاغرون‏.‏

حدثنا محمد بن زكريا العلائي قال‏:‏ حدثنا العباس بن بكار قال‏:‏ حدثنا أبو بكر الهذلي قال‏:‏ سمعت الحسن يقول‏:‏ ‏"‏كراء الدار جزية المؤمن؛ ولا يلزم الرهبان أصحاب الصوامع جزية، لفقرهم وتخليهم عن الدنيا‏"‏‏.‏

مبلغ ما كان يرتفع من الخوارج

ارتفع خراج الشام على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه خمسمائة ألف دينار، فلما أفضى الأمر إلى معاوية، قطع الوظائف على أهل المدن فوظف أهل قنسرين أربعمائة وخمسين ألف دينار، على الجماجم من ذلك الثلثان‏.‏ وعلى أهل دمشق أربعمائة وخمسين ألف دينار، على الجماجم من ذلك الثلثان‏.‏ وعلى الأردن مائة وثمانين ألف دينار، على الجماجم من ذلك الثلثان‏.‏ وعل فلسطين مثل ذلك، ثم جعل بعد ذلك يصطفي الأرض الجيدة ويدفعها إلى الرجل بخراجها وعلوجها، والخراج على أصله لا ينقص منه شيء‏.‏